الاثنين، ٢١ أيلول ٢٠٠٩

المغرب وشلاضة حقوق الإنسان وحرية التعبير

عمود آش كاين؟ بقلم ليلى بن الرايس

أمام حالة الزخم التي شهدها الإعلام المغربي في السنوات الأخيرة وخاصة الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية بفعل تحرير هذا القطاع وتمتيعه بهامش واسع من الحرية، انطلق سباق ساخن بين مجموعة من الوجوه الإعلامية كل يحاول بسط سيطرته على هذا الميدان وكسب أكبر عدد ممكن من القراء ، عدد يمكنه من تصدر قافلة الصحافة المغربية التي تسير بدون اتجاه، وقد نشب عن هذه الحركة الصحفية الغير مدروسة وغير معقلنة قيام ما يمكن تشبيهه بحرب باردة بين معسكرين فكريين يسير كل معسكر منهما وفق أجندات تتنوع بين ما هو ديني ورأسمالي وسياسي. وفي خضم هذه الصراعات التي يطمح أصحابها إلى النفوذ والمال كهدف رئيسي سيجد هؤلاء أنفسهم مضطرين لاستخدام شتى الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة في سبيل الظفر بالهدف المنشود، فأصبحنا نقرأ تهكمات على المقدسات التي كانت على مرّ الزمن في منأى عن هذه السجالات، فلم يوقروا لا رجال الدين ولا الصحابة ولا الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أنّ منهم من ارتأى أن يمر على ظهر الملكية ويتخذها جسرا لكسب تلك الشعبية المنشودة، وبالطبع وكسائر الدول فقد كان لزاما على السلطة المغربية أن تتحرك لكبح جماح هذه الثيران المتناطحة، فأصبحنا نسمع ونرى ونقرأ عن إغلاق جريدة وحجز أعداد أخرى واعتقال صحفي وسجن آخر، الأمر الذي ترتب عنه ظهور حركات حقوقية استغلت هي الأخرى الظروف لتهتف بمصطلحات وشعارات مثل: حرية التعبير وحرية الصحافة، والديمقراطية وحقوق الإنسان....
والآن دعوني أعتذر لكم على هذا التقديم المطول الذي كان من اللازم الافتتاح به حتى أضع القارئ الكريم في السياق، ولنعد لعنوان موضوعنا، فقد بات المغرب بالفعل يشهد ما يمكن تسميته بشلاضة حقوق الإنسان وحرية التعبير، فبسم حرية الصحافة انتهكت حرمة المقدسات وباسمها أيضا انتهكت مشاعر المواطنين وخدشت أسماعهم، وانتهكت الأعراض ونشرت الميوعة والوقاحة والسفاهة، ولن نتمكن في هذا العمود من الوقوف على جميع المواقف التي عاشتها الساحة الإعلامية المغربية، ولكننا سنقوم بالاقتصار على أهمها وأكثرها إثارة للرأي العام المغربي، فمنذ شهور خرجت علينا أسبوعية – نيشان – التي يديرها الصحفي رضا بنشمسي بمقال يتطرق للنكتة المغربية وأنواعها، مقال أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه وضيع وسفيه ومثير للفتن، فتطرق في نكته البايخة تلك لشخص الرسول عليه الصلاة والسلام، وللصحابة وأئمة المساجد، كما لم يسلم من حماقاته حتى شخص الملك نصره الله، ومن أمثلة تلك النكت نذكر لكم هذا المقطع: - في الوقت الذي كان الحسن الثاني يظهر في النكت كشخص قوي، ذكي، ماكتدارش بيه، يظهر محمد السادس شابا حنونا رقيقا بسيطا قريبا من الشعب وعصريا. خلال أزمة جزيرة ليلى التي اندلعت مع إسبانيا سنة 2002، جعلت النكـتة الملك يقول: «أنا باراكا عليا غير للا سلمى والموطور ديال الما». فمثل هذه الحماقات كانت سببا في حجز جميع أعداد المجلة المذكورة، غير أننا تفاجأنا بعدد من المنابر والجمعيات تخرج رافعة شعار حرية التعبير وحقوق الإنسان من جديد لتدافع عن المجلة وعن كاتبها، وكالعادة يستغل هؤلاء دعم حركات سياسية أجنبية لها إيديولوجيات خطيرة تستهدف استقرار المغرب وأمنه ودينه وقضاياه الترابية، وبعد بنشمسي خرجت لنا جريدة الأحداث المغربية بملحقها – من القلب إلى القلب – لتعرض لشبابنا وناشئتنا مواضيع جنسية مخلة بالآداب والحياء العام في محاولة منها لتمييع المجتمع المغربي وانحراف شبابه، فأصبحنا نسمع عن مواضيع وقصص بهذا الملحق تشجع على الزنا والفساد والشذوذ الجنسي وزنا المحارم، وزادت الجريدة من حماقاتها وهي تحشر نفسها في الدين وتقوم مقام المفتي، فأصبحت تفتي بجواز الاستمناء أو العادة السرية، وبجواز العلاقات بين الشبان والشابات قبل الزواج كنوع من التحرر والتربية الجنسية، وعندما فشلت مخططاتها وهي تصطدم بتقاليد وعادات شعب ضاربة في جذور تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، تراجعت عن خطها التحريري السابق وصارت تشن حربا ضد رجال الدين والعلماء والأحزاب والمنظمات الإسلامية، بعدها خرج لنا رضا بن شمسي من جديد بمواضيع تدافع عن حرية الشواذ جنسيا، فقام بعرض صور عريضة لزعيم الشواذ المغاربة – عبد الله الطايع – وقال عنه بأنه نموذج لما يجب أن يكون عليه الشاب المغربي، كما كرر في مرات متعددة بأن عيد الأضحى مناسبة لتلطيخ الشوارع بالنفايات والقاذورات، والحج ليس سوى سوبير مارشي كبير، كما لم يتوانى في نشر صور الويسكي والروج والمشروبات الكحولية الأخرى في إعلانات إشهارية. وفي هذا الشهر الكريم، شهر رمضان خرجت علينا صحفية من جريدة – لوجورنال – هي زينب الغزوي بمجموعة من وكالين رمضان يتحدون مشاعر المواطنين المغاربة ويستخفون بهم، حاملين معهم حلويات الفقاص والماء والسكر في عز النهار وهم يتذرعون بحقوق الإنسان وحقهم في المجاهرة بالإفطار، فحتى الأجانب عندما تتصادف زياراتهم للدول الإسلامية مع رمضان يستحيون أن يأكلوا جهارا احتراما لمشاعر المسلمين. هذا مجرد جزء بسيط من شبكة أخطبوطية حاولت ولا زالت تحاول تحقيق ما عجز الاستعمار والحركة الصهيونية عن تحقيقه في بلادنا، وما خفي كان أعظم، فلا يعرف كم تبلغ قيمة الصفقات التي يعقدها هؤلاء مع أعداء الوطن والدين مقابل تفعيل مخططاتهم وبرامجهم، فإسبانيا لا تتوانى عن إثارة النعرات والفتن داخل أعراق وفئات المجتمع المغربي، والجزائر تتربص بنا وتزيد من حجم ترسانتها العسكرية وقدرتها العسكرية، وشرذمة المرتزقة من البوليساريو يتحينون الفرص ويستغلون تناطح ثيراننا الصحفيين ليحصلوا منهم على أوراق ضغط ومزاعم يزكون بها أطروحتهم الانفصالية، ونحن لا زلنا كأولئك اللذين يسألون من خرج الأول للوجود، أهي البيضة أم الدجاجة؟، نتساءل من هو الوطني ومن هو الخائن، هل رشيد نيني أم حيران أم رضا بن شمسي أم زينب الغزوي، ولسوء الحظ فشعبنا المسكين ابتلع الطعم وانقسم هو الآخر إلى فئتين، فئة تدافع عن المساء، وفئة تدافع عن الصباح وعن نيشان وعن هسبريس والأحداث المغربية، والمستفيد طبعا هي صناديق ودفاتر حساب هؤلاء الصحفيين جميعا، والخاسر الوحيد هو جيوب المواطنين وسمعة الوطن.
ففي الحقيقة هذه شلاضة اللي ما بعدها شلاضة وليست بحقوق الإنسان أو حرية التعبير، هذا تسيب ومسخ وقلة آداب، وعندما قام الزميل رشيد نيني مشكورا بمهاجمة هؤلاء المخالفين للأعراف والمخلين بالقانون قاموا بنشر وشايات كاذبة وعرض أدلة واهية، وللأسف تفننوا في عرضها وتفننوا في كذبهم وبهتانهم بشكل جعلنا نفقد أعصابنا ونجرح مشاعر زميلنا نيني لولا هدي الله وتوجيهه، فلا تكترث أخي رشيد نيني بنباحهم ودع القافلة تسير فأقلامنا وقلوبنا معك، واسمحوا لي بأن أختم عمودي بقول الحق سبحانه وتعالى : يا أيها اللذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

laila.benrais@gmail.com

المتابعون